الإنسان ... شكل ومضمون
ظاهر ... وباطن
مظهر ... وجوهر
قالب ... وقلب
ولكن في
أغلب الأحيان لا
يتفقان أو ينسجمان بل بالعكس , فالافتراق والتناقض بينهما أكثر بكثير من حالات التوافق والوفاق . أمر عجيب لطالما أثار أندها شي أليس الإنسان واحدا ؟ أليس ثمة ترابط بين مظهره وجوهره ... وبين داخله وخارجه ؟
أذا لماذا هذا التنافر الذي يصل إلى حد التضاد أحيانا ؟
قصة الانخداع بالمظاهر قصة طويلة جدا .. تبدأ منذ بدء البدء ..من حين قاسم الشيطان أبوينا أدم وحواء ليغويهما ( وقاسمهما أني لكما لمن الناصحين )
غرهما المظهر فأنساقا مغررين به.
فهل أتعظ الذين قرؤوا القصة ا بإمعان واستفادوا من نتيجتها المؤسفة فلا يعودوا يكررونها ؟
أن تاريخ الانخداع بالمظاهر يخبرنا أنه مازال في كل يوم , بل في كل لحظة هناك من( يخدع) وهناك من( ينخدع)....... هناك من ينصبون الشباك, وهناك من يقعون فيها , وهذا هو الفارق بين الاستفادة من التجربة وبين من يعتبرها حالة منفصلة عما سيأتي بعدها من تجارب.
وعلى الرغم من أننا في كثير من الأحيان نحاول أن نحصن أنفسنا من المخادعين ولكن لابد لنا من أن نخوض التجربة وألاهم أن نتعلم منها , فقول( أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين) يؤكد هذه الحقيقة.
و الاسؤ أذا لم نتعلم من أخطائنا , فإذا لم نتعلم منها فهذا يعني
أن علينا أن ندفع ضريبة إصرارنا على الجهل وعندها يكون الثمن غاليا.
من خلال قراءتي لبعض التحليلات عن شخصيات المخادعين وجدت أنهم يتعاملون مع (البصر) مستغلين بذلك أن كثيرا من الناس لا يفكرون بعقولهم , بل يستخدمون أعينهم ويسمعون بأذانهم , فالصورة البراقة تسلب الألباب ...كما إن الكلمات المعسولة تجعل الآخرين يسقطون في فخ الخديعة.
دون الأخذ بنظر الاعتبار عدة حقائق.... فمن قال ؟ وماذا قال ؟ وأين قال ؟ ومتى قال؟وماذا وراء ما قال؟ كلها أسئلة تتبادر إلى ذهننا بعد فوات الأوان .
الذين يأخذون بالمظهر والذين ينطلي عليهم التمثيل المتقن فلا يعودوا يميزوا بين دموع اليتامى ودموع التماسيح.
فمن خلا ل قصة قرأتها عن (( الملا نصر الدين )) أنه كان ذا لباس متواضع , وقد دعي ذات يوم لوليمة أحد الأثرياء ... وكانت دعوته هذه سهوا أو مجاملة ... فمجالس الأثرياء تعمر عادة بالأثرياء ... فكان الخادم يقدم الطعام لذوي اللباس الفاخر ويتجاهل الملا نصر الله , عندها خرج الملا نصر الله واستعار ثوبا ثمينا وعاد , عندئذ بادر هذا الخادم إلى تقديم الطعام له ,ولكن الملا بدل أن يقدم له صحنه رفع له طرف ثوبه,قائلا اطعم هذا !!
فالمعيار عند البعض هو ما تلبس وتركب وتأكل وتسكن وتتزيَن .
فالبعض يهتم بالديكور والقشور والمساحيق .... وما هي إلا زينة , وهنا تكمن الخطورة.
وهذا هو وجه من قصة الانخداع بالمظهر وليس كل الأوجه.
والوجه الأخر هو قصة الانخداع بالمظهر البسيط وتقييم شخصية الإنسان على ضوء هذا المظهر , فحين ترى شخصا مقتصدا في مظهره فتقلل من شانه في داخلك بناءً على نظرة سطحية و حتى أذا أتاحت لك الظروف فرصة أوسع للقاء به والجلوس معه والاطلاع على أفكاره حينه تلمس فيه (غنىً) لم تتلمسه من قبل . وحينه تلوم نفسك على استصغارك واحتقارك إياه والحكم عليه قبل التعرف عليه.
يقول الشاعر لا تحقرن فتى لرث ردائه
أو تكرمنٍ من فتىً بدا في سندس
لا يخفض الإنسان أو يعلو به
خلق الثياب ولا جديد الملبس
فالإنسان أحيانا في مطب المظهر فيصبح ضحية التمويه والخديعة, فالعين هي التي تلتقط الصور الخارجية وتنقلها للعقل وهو بدوره يحكم على ما يصل إليه منها ومن السمع فتؤدي وظيفة غير وظيفتها الحقيقية.