فلذاتنا بين طرق التدريس الخاطئة وجهل العائلة
بين فترة وأخرى نصطدم بنسب النجاح للتلاميذ وكانت النسبة لهذا العام متدنية جدا فما هو السبب ؟ هل إن تلاميذنا أغبياء ؟أم إن الأسئلة حسب قولهم لم يراعى فيها التدرج في مستوى الذكاء فجاءت تحاكي عينة من التلاميذ ذوي المواهب والذكاء المرتفع ؟ هذه التبريرات التي تنطلق من أفواه أولياء الأمور أو التلاميذ أنفسهم لكي تدفع اللوم عنهم وتلقي بالذنب على المدرسين وبات هذا الكلام كالاسطوانة المشروخة تعبت من كثرة الدوران !! وأنا هنا اتسائل هل إننا نمتلك الوعي اللازم لتشخيص الحلول ؟ وهل أصبحت ظاهرة الرسوب هي السائدة والقاعدة في مدارسنا ؟ وهنالك بعض الأسباب أدت إلى هذه النتيجة منها على سبيل المثال لا الحصر :
1-انشغال الطلبة بالموبايل ونقل النغمات وبيع وشراء الأجهزة وتبديلها ونقل الفيديو من طالب إلى آخر حتى إن ظاهرة حمل الموبايل انتشرت وتفشت بين الشباب والتلاميذ كالهشيم بالنار !! وأصبحت وسيلة التسلية الوحيدة لدى شبابنا كذلك انطفاء التيار الكهربائي الشبه مستمر يؤدي الى إعاقة وتلكؤ الطلبة وإثارة الملل بينهم .
2-عدم استساغة الطلبة والتلاميذ لمادتهم التي غالبا ما تمتاز بالجفاف
3-عدم استخدام المدرسين لمبدأ الثواب والعقاب للطلبة وهو مبدأ رباني اثبت فاعليته فالطالب يفرح بالتشجيع والإشادة خصوصا إمام الآخرين حيث يفتخر بنفسه ويحس بتميزه وهنا لابد من التنويه إلى إن مبدأ العقاب قد لا يؤدي إلى النتيجة المرجوه منه إذا ما استعمل بطريقة خاطئة واقصد إن يلام الطالب إمام زملائه ويوبخ مما يحطم نفسيته ويؤدي إلى كرهه إلى المادة وعدم قدرته على استيعابها وهنا لابد إن نتذكر قول الإمام على (ع) النصح بين الملأ ...تقريع.
3-عدم استخدام المدرسين لوسائل الإيضاح من أفلام علمية هادفة وصور علمية تساعد على إيصال المعلومة للطلبة والتلاميذ خصوصا.
4-جهل (البعض)من المدرسين أنفسهم بطرق إيصال المعلومة المفيدة وهذه تأتي من إدخال الهيئة التدريسية إلى الدورات المنهجية والتثقيفية بوجود علماء نفسانيين يوضحون بالمحاضرات العلمية مدى أهمية فهم نفسية الطالب وان يكون الهدف من التدريس بناء الطالب وتهذيبه وزرع فيه روح المحبة للمعرفة والعلم والثقافة وليس إكمال المنهج بالموعد المحدد وبالسرعة الممكنة.
5-انتشار الفضائيات والمسلسلات المد بلجة وأفلام الاكشن والاتاري والبلى وكل وسائل اللهو أخرت طلبتنا كثيرا فحرص الطالب على إن يشاهد المسلسلة التركية مثلا وحرصه على تقليده الممثلين بالملبس والإكسسوارات من قلائد وأساور وملابس والبعض منها مخلة أقول حرصه يفوق الحرص على أداء الواجب المنزلي أو متابعة المعلم فيما يشرح او يوضح .
6-عدم قيام بعض المدرسين والمعلمين بأداء واجبهم الفعلي الملقى على عاتقهم فكثرة الإعادة والتكرار كل سنه لنفس المادة من قبل المعلم أو المدرس تفقدها روحها العلمية وتجعله مجرد ببغاء يكرر ماموجود بالمنهج وقد حفظة عن ظهر قلب .وبالتالي ملل المدرس ينتقل الى الطالب الذي لا يلمس روح الشغف للمعلومة عند أستاذه .
7- التقدم بالسن والكبر بالعمر عند أكثر المدرسين والمعلمين مما يجعله بتململ عند سماع الجرس او يأتي إلى الصف فيجلس عند أول رحلة تاركا احد الطلبة ليقوم بالتدريس بالنيابة عنه.وإيصال المعلومات الخاطئة نتيجة سهو الرقيب او غفلته او التهاء البعض من المعلمات بالتحدث بالموبايل او مع زميلة لها عن أمور الطبخ والموديلات تاركة الصف والتلاميذ فلا تلتفت اليهم إلا لتسكتهم.
7-عدم وجود تواصل جدي وفعلي بين أولياء الأمور والهيئة التدريسية وقد تحولت الندوات المسماة (باجتماع أولياء الأمور ) إلى مجرد حفلات للبيبسي والكيك وبالنسبة إلى المدرسين فرصة للهرب من الدوام دون التواصل بينهم على المشاكل المتعلقة بالطالب
8-إذن فالمشكلة مشتركة بين الطرفين المدرس والطالب وهناك طرف ثالث وهو أولياء أمور الطلبة فللآباء والأمهات والأسرة عموما دور مهم وحيوي ويكاد يكون أساسي في متابعة أبناءهم ودفعهم إلى الإمام وإكثار النصح لهم فيما يخص مستقبلهم .
9-هناك مسبب خارجي ومهم واعتبره أساسي وهو جهل الأب او إلام او أميتهم النحوية للجاهلين والثقافية للمتعلمين والأمية الثقافية هي اشد بلاءا من الأمية النحوية فكما انك تستطيع إقناع الإنسان الأمي بضرورة التعليم وأهميته لكنك لا تستطيع إقناع المتعلم بضرورة التثقيف وكثرة القراءة في مجاله او غير مجال وذلك يعتبر من باب التكفير ان تطلب ممن يحمل شهادة مجردة بدون ثقافة إن يتواصل مع المعرفة التي تقوي شخصيته وتدعم حجته.
الحل:
إذن بعد ان شخصنا بعض وليس كل المسببات التي أدت إلى تأخر الطلبة والتلاميذ عن اللحاق بركب العلم الذي نحن أصلا متأخرون فيه ليس عن أوربا وأمريكا فحسب وإنما عن الدول الأسيوية أيضا . فما هو الحل...اعتقد ان الحل لا ينجح ببضع كلمات تسطر على ورق وإنما الحلول تكون فاعلة اذا ما كان هناك تعاون جماعي وتحاور وتكثيف اللقاءات بين الأساسيين العائلة والهيئة التدريسية والتي تصب بعمومها بمصلحة الطالب او التلميذ وهذه الحلول يجب ان تعتمد على قوة الشخصية لدى المربي وتنمية الثقافة النفسية لديه اولا من حيث انه يتعامل مع نوعيات مختلفة من الناس وكسب مودتهم وحبهم حتى يمسي المربي واحد من اثنين بعد عائلته لا يستطيع الطالب الاستغناء عنه وان يقوم المربي ببعض الخطوات التي لا تنقص من شأنه بل تزيد حبه لدى طلابه وذلك بأن يتفقدهم باستمرار وتنظيم زيارات جماعية إلى المريض منهم او مشاركة طلبته فرحهم وحزنهم وانا شخصيا أتذكر كيف ان الصف بأجمعه ذهب لمواساة طالبة بعد ان انهارت بسبب فقدان أبيها وما تركة ذهابنا جميعا لرؤيتها حتى ضاق المكان بنا من اثر طيب وتنمية لروح الحب والوفاق بيننا فكنا كعائلة واحدة يسأل احدنا عن الآخر فأمست المدرسة بيتنا الثاني والتلاميذ إخوتنا الأشقاء اللذين لم تلدهم أمنا. كذلك على المدرس عدم التقيد بالمادة الجافة وإضفاء المرح لها في إطار علمي وليس فكاهي والتوسع بتزويد الطلبة بالمعلومات وضرب الأمثلة لهم من الحياة العامة . وترك مبدأ (العصا لمن عصا) لما يترك من اثر نفسي وجلدي سيء .وتدريب الطلبة على استخدام عقولهم في التفكير الصحيح وربط المعلومات بصورة صحيحة وليس عشوائية وعدم تذمر المدرس او المدرسة في سؤال الطالب عن المبهم المجهول من الأمور التي بمجملها لها أصل علمي وعدم ترك الطلبة لربطها بالخرافات والحكايات الموروثة التي لا أصل لها . كذلك اثبت العلم ان النصيحة ألموجهه من المربي أكثر فاعلية من تلك ألموجهه من العائلة فعلى المربي إن يكون الأب الروحي لا بناءه وإذا أحس الطالب بروح المحبة تخيم على الدرس يصبح محبا للمادة مقبلا على قراءتها كذلك تعويد الطلبة على توجيه الأسئلة العلمية المفيدة للآخرين بعد قراءة الدرس جيدا وانتقاء الأسئلة الهادفة قال الإمام على (ع) اسأل تفقها وليس تعنتا. ولأبأس من تنوير الطلبة لمساوئ تقليد الأفلام والمسلسلات بشكل أعمى وإرشادهم إلى عاداتنا وتقاليدنا التي تمنع لبس الأساور والقلائد واللبس الفاحش قال تعالى (فذكر فأن الذكرى تنفع المؤمنين) .
وأخيرا كلمة إلى المربيات الفاضلات والمربين الأفاضل إن مهنة التدريس هي مهنة شاقة ومتعبة ولكن ثمرتها إنشاء جيل مثقف محب للعلم وبمرور الوقت يتحول الجيل إلى مجتمع واسر مثقفة لا تعيش على الهامش وهي أمانة قبل كل شيء فعليكم أداء الأمانة قال الرسول الأعظم (ص) ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) وأرجو المعذرة إن أطلت وأعوذ بالله من الإسفاف .